الجوع في اليمن

"اليمن السعيد"، لكن أطفاله ليسوا كذلك!

عندما وصف المؤرخ الدنماركي فريدريك كريستيان فون هافن بلاد اليمن ب"أرض السعادة على وجه الأرض" ربما لم يكن قد يتوقع أن تلك الأرض السعيدة ستصبح يوماً شاهداً على مأساة هي الأصعب في المنطقة.

فأطفال اليمن السعيد اليوم يعانون من الجوع الذي جعل عظامهم تبرز من أجسادهم الضئيلة المتهالكة، جوع قضى على الكثيرين ومازال ينهش لحوم آخرين.

كل 12 دقيقة يموت طفل

طفلة يمنية بين الحياة والموت

طفلة يمنية بين الحياة والموت

في 23 أكتوبر 2019 قال أخيم شتاينر، ممثل برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في اليمن، إن طفلاً تحت سن الخامسة يموت كل 12 دقيقة في اليمن، بسبب الأزمة الإنسانية الناجمة عن الحرب.

باختصار، سبب وفاة معظم هؤلاء الأطفال هو نقص المياه والتغذية الأساسية والرعاية الصحية والأدوية بسبب النزاع.

فاليمن يشهد حرباً مستمرة منذ 5 أعوام بين القوات الموالية للحكومة ومسلحي جماعة الحوثي المسيطرين على محافظات بينها العاصمة صنعاء منذ سبتمبر 2014.

وقد وضعت هذه الحرب اليمن أمام أسوأ أزمة إنسانية في العالم بحسب وصف الأمم المتحدة، فما يجري في البلاد دفعها إلى حافة المجاعة.

فبحسب تقرير للأمم المتحدة يغطي الفترة ما بين الأول من أبريل 2013 و31 ديسمبر 2018، يشير إلى وقوع 11 ألفاً و779 انتهاكاً جسيماً ارتكب ضد الأطفال من قبل جميع أطراف النزاع في اليمن.

ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل تم تجنيد 3034 طفلاً في الحرب.

وأغلب حالات التجنيد راجعة إلى انعدام فرص كسب العيش.

2.8 مليون طفل في خطر!

تشير الأرقام والإحصائيات في اليمن "السعيد" إلى واقع مرعب عن أوضاع الأطفال هناك، حيث يزداد الوضع التغذوي سوءاً فقد أصبحت معدلات سوء التغذية الحاد عند مستويات بالغة الخطورة.

يعاني 462 مليون شخص في العالم من انخفاض الوزن "منظمة الصحة العالمية"

لنترجم ذلك الكلام إلى أرقام نشرتها اليونيسيف:

- يتناول 15% فقط من الأطفال الحد الأدنى "المقبول" من الغذاء الذي يحتاجونه للبقاء على قيد الحياة واستمرارهم بالنمو.

- 80 % من اليمنيين عليهم مديونيات ويكافحون لدفع ثمن الغذاء والماء والمواصلات والخدمات الصحية الضرورية.

- يواجه ما يتراوح بين 1.8 و 2.8 مليون طفل خطر انعدام الأمن الغذائي الحاد ما يعني التعرض لسوء تغذية حاد مهدد للحياة.

- يقدر عدد الأطفال المصابين بسوء التغذية الحاد بحوالي مليوني حالة ممن هم دون الخامسة.

- يوجد 360.000 طفل مصاب بسوء التغذية الحاد الوخيم.

- تزداد معدلات سوء التغذية المرتفعة تعقيدا بسبب نقص الغذاء وممارسات التغذية السيئة المتبعة في المنازل والأداء دون المستوى لأنظمة الصحة والمياه والصرف الصحي، وتفشي الأمراض وتدهور الاقتصاد.

360.000 طفل مصاب بسوء التغذية الحاد الوخيم "اليونيسيف"

سوء التغذية

ماذا يعني؟ وكيف يقتلهم؟!

علامات الإصابة بسوء التغذية واضحة وتظهر على الأطفال بإصابتهم بالهزال الذي يشمل انخفاض الوزن بالنسبة للطول، والتقزم والذي يعني قصر القامة بالنسبة إلى العمر، ونقص في الوزن بالنسبة إلى العمر.

وينجم ذلك عن عوز بالمغذيات الدقيقة والتي نقصد بها الفيتامينات والمعادن المهمة للجسم.

ويعد اليود وفيتامين ألف والحديد من أهم هذه المواد، ونقصها يشكل خطراً كبيراً على الصحة، ولا سيما لدى الأطفال والنساء الحوامل في البلدان المنخفضة الدخل أو التي تعاني من اضطرابات مثل اليمن.

الأمر الذي يؤدي إلى نقص إمدادات الغذاء.

ويمكن إجمال أعراض سوء التغذية بما يلي:

٠ عدم الرغبة بتناول الطعام والشراب.

٠ عدم القدرة على التركيز.

٠ الشعور بالبرد الدائم.

٠ فقدان الدهون وكتلة العضلات وأنسجة الجسم.

٠ ارتفاع خطر الإصابة بالأمراض.

٠ يستغرق المصاب فترة طويلة للشفاء من الجروح.

٠ ارتفاع خطر الإصابة ببعض المضاعفات بعد الجراحة.

ومن أعراض سوء التغذية الحاد:

٠ التنفس بصعوبة.

٠ جفاف الجلد وشحوب لونه.

٠ نحف الوجه.

٠ جفاف الشعر وتساقطه.

٠ فشل في الجهاز التنفسي وفشل القلب.

الخطر يبدأ من مرحلة الحمل

تموت امرأة وستة من حديثي الولادة كل ساعتين

قدوم مولود جديد إلى الحياة في اليمن يمكن أن يتحول في كثير من الأحيان إلى مأساة للأسرة بأكملها، حيث تموت في اليمن واحدة من بين كل 260 امرأة أثناء الحمل أو الولادة.

وبحسب أرقام اليونيسيف فإن 1.1 مليون امرأة حامل ومرضع تحتاج إلى علاج من سوء التغذية الحاد الوخيم.

ففي اليمن نصف المرافق الصحية في اليمن لم تعد تعمل بسبب نقص الكوادر أو نقص الإمدادات أو عدم القدرة على تغطية التكاليف التشغيلية أو بسبب محدودية الوصول.

 أما تلك التي لا تزال تعمل فإنها تعاني من نقص حاد في الأدوية والمعدات والموظفين مما يعرض الكثير من الأرواح للخطر.