مدارس مختلفة عما تعرفون
طلاب في المغارة... الخيمة... الكرافان... وحتى في المدجنة
ملابس موحدة نظيفة، وعلى ظهورهم حقائبهم المدرسية، يطبعون قبلات الوداع على وجوه أهاليهم وينطلقون.
منهم من يتجه نحو مدرسته مشياً على الأقدام لقربها من منازلهم، وآخرون ينتظرون الباصات لتقلهم إليها.
يدخلون المدرسة، يؤدون التحية الصباحية ويجلس كل منهم على مقعده الدراسي.
ذلك باختصار مشهد مثالي لطلاب المدارس في أغلب الدول، ولكن بالتأكيد ليس في سوريا.
فهنا الوضع مختلف تماماً، فرضته الحرب الدائرة في البلاد منذ أكثر من 11 عاماً ، فالمحظوظ من أتيح له الذهاب إلى المدرسة بعد حجم الدمار الهائل والنزوح والتشرد الذي تعرضت له البلاد.
بالنسبة للكثيرين لا يهم إن كانت هذه المدرسة في مغارة أو في كرافان أو في باص متنقل.
ولا يهم إن كان يضم الصف الواحد أطفالاً من أعمار مختلفة، وبالتأكيد لا مكان للملابس الموحدة هنا فهي "رفاهية" لا داعي لها.
المهم أن يتلقى الأطفال التعليم في بلد نصف أطفاله لا يعرفون غير الحرب.
المغارة المدرسة
لا رعب هنا من قصف الطيران!
المكان: ريف إدلب الجنوبي، بلدة ترملة
اسم المدرسة: لا يوجد، لكن يطلق عليها الطلاب اسم "المغارة"
أوقات الدوام: صباحاً ومساءً
عدد الطلاب: 120 طالباً
أولاً للدخول إلى هذه المغارة عليك خلع حذاءك تماماً ككل الطلاب هنا، فلا مقاعد مدرسية ولا كراسي للجلوس، فقط سجادة متواضعة تم مدها على الأرض ليجلس عليها 60 طالباً.
فالمدرسة تستقبل 120 طالباً على فترتين، صباحية ومسائية.
أما في آخر اليوم، تتحول هذه المغارة إلى منزل ينام فيه مجموعة شباب نزحوا من ريف حماة الشمالي، وهم من أخذوا على عاتقهم تحويل المغارة إلى مدرسة.
ليس وحدهم من تطوع لهذه المهمة، بل المدرسين أيضاً الذين يقومون بتعليم الطلاب الرياضيات، واللغة الانجليزية والتربية الاجتماعية والدينية.
يعيش الطلاب في أماكن قريبة من المغارة في خيم تتربع على إحدى تلال بلدة ترملة بريف إدلب الجنوبي، لجؤوا إليها مع أهاليهم بعد النزوح من بلدة كفرنبودة في ريف حماة نتيجة القصف الذي دمر منازلهم.
في هذا الصف ستجد لوحاً أبيض اللون معلق على أحد جدرانها، وشريطاً متهالك يحمل لمبة صغيرة لإنارة المكان.
يضم هذا الصف أطفالاً من مختلف الأعمار، ما يفرض تحدياً على المدرسين خلال شرح المعلومات فالمناهج الدراسية لا تناسب الجميع في نفس المستوى.
تقول شهد/ 6 سنوات "المغارة هي أول مدرسة أذهب إليها في حياتي، أحب أصدقائي كثيراً نلعب ونتعلم هنا".
ليست شهد وحدها من ترتاد المدرسة لأول مرة بل عدد كبير من الطلاب أيضاً، ولكن اللافت أن جزءاً كبيراً منهم أبدى إعجابه بهذه المدرسة لأنها "تحميهم من قصف الطيران"!
تشير منظمة اليونيسيف إلى وجود 2 مليون طفل، أي أكثر من ثلث الأطفال السوريين هم خارج المدرسة، ويوجد 1.3 مليون طفل معرض لخطر التسرب.
المدرسة الرُكام
أكثر من ثمانين طالب في غرفة واحدة
المكان: قرية السفلانية في ريف حلب الشرقي
اسم المدرسة: السفلانية المختلطة
أوقات الدوام: صباحاً
عدد الطلاب: غير ثابت!
من ينظر إلى مبنى هذه المدرسة من بعيد لن يخطر بباله ولو لحظة وجود صف دراسي تحت كل لك الأنقاض.
وفي ذلك الصف يجلس على الأرض أكثر من ثمانين طالب من مختلف الأعمار.
تطوع من أجل تدريسهم مجموعة من شباب تلك المنطقة، يستقبلون الطلاب في فترة صباحية فقط، لصعوبة تأمين الإضاءة لتلك المدرسة المهجورة.
ربما الإضاءة هي أصغر مشاكلهم، فلا مقاعد ولا نوافذ فيها فقط دمار وعدد من الجدران يجتمع فيها الطلاب لتلقي الدروس.
يحتاج واحد من بين ثمانية أطفال في كل صف دراسي إلى دعم نفسي واجتماعي مختصّ، لتحقيق التعلّم الفعال "اليونيسيف"
المدرسة الكرافان
ستأتي إليك أينما كنت
المكان: مدينة سراقب/ إدلب
اسم المدرسة: الكرافان
أوقات الدوام: لا يوجد وقت محدد
عدد الطلاب: غير ثابت!
باختصار الهدف من هذا الكرفان تقديم دروس تعليمية ونشاطات ترفيهية لمساعدة الأطفال نفسياً نتيجة ما تعرضوا له من ضغوطات نتيجة الحرب.
وتقديم دروس تعوضهم نوعاً ما عن المدرسة التي حرموا منها بسبب النزوح من قراهم في ريف إدلب.
خلال زيارتنا للكرافان كان أحد المدرسين يعطي درساً باللغة الإنجليزية للطلاب، يقول إن الأطفال هنا لم يذهبوا للمدارس منذ عامين.
الكرافان رغم بساطته إلا أنك ستجد نفسك داخل صف بالتأكيد، سبورة بيضاء ورسومات أطفال معلقة على جدرانه، حتى أنهم قاموا بوضع مكتبة صغيرة فيه.
ينتقل هذا الكرافان في مختلف مناطق سراقب وخاصة القريبة من مخيمات النزوح.
وما إن ينتهي الدرس حتى يخرج الطلاب من الكرافان ويجلسون على الأرض مقابل إحدى نوافذه، فقد حان موعد مسرح العرائس.
يستمتعون بالعرض المسرحي، ويغنون بمرافقة أحد الأساتذة وهو يعزف على العود.
يتلقى تسعة من أصل كل عشرة أطفال يعيشون كلاجئين التعليم في إطار المدارس الرسمية "اليونيسيف"
المدرسة الخيمة
للبساطة معنى مختلف هنا!
المكان: ريف إدلب
اسم المدرسة: لا يوجد.
أوقات الدوام: صباحاً.
عدد الطلاب: غير ثابت!
بدأت فكرة هذه الخيمة من المعلمة رهف/22 عاماً وهي نازحة من ريف حماة، تقوم بالتدريس معها معلمة أخرى وهي التي ساعدتها في نصب هذه الخيمة بعد تسوية الأرض بالقرب من أشجار الزيتون في ريف إدلب.
وهكذا أصبحت المدرسة جاهزة، لوح أبيض وخيمة.
تقول رهف "كنت آتمنى آن يكون وضع الخيمة أفضل من ذلك، لكننا لم نتلقى دعماً من أحد".
توجهت رهف لأهالي المخيمات القريبة من موقع الخيمة لتخبر الأهالي النازحين عنها ليرسلوا أطفالهم، والذين اكتشفت أن عدداً كبيراً منهم لا يعرف القراءة ولا الكتابة.
لذلك فإن منهاج هذه الخيمة بسيط يعتمد على تعليم الطلاب الحروف الهجائية، إضافة إلى دروس في القرآن فرهف طالبة في كلية الشريعة.
يرتاد الخيمة عدد مختلف من الطلاب، وليس هناك رقم ثابت فهو يختلف بين يوم وآخر، وتترواح أعمارهم بين العامين وال 16 عاماً.
40 % من البنية التحتية للمدارس في سوريا تعرضت للضرر أو للدمار أثناء الحرب
المدرسة المدجنة
المخازن التي أصبحت صفوفاً
المكان: قرية التمانعة/ ريف إدلب الجنوبي
اسم المدرسة: الحرية
أوقات الدوام: صباحاً ومساءً
عدد الطلاب: 300 طالب
المدرسة كانت سابقاً مدجنة ومركزاً للأعلاف، قبل أن يتم إعدادها بشكل مناسب لتدريس الطلاب، حيث تم تحويل الغرف إلى صفوف فيها مقاعد خشبية.
تضم المدرسة 7 صفوف وتستقبل طلاب من الصف الأول حتى الصف التاسع.
يعتبر الوصول إلى هذه المدرسة مهمة شاقة بالفعل، فأقرب طالب إليها يسكن على بعد 4 كم، لذلك قام بعض الأهالي بالاشتراك بدفع مبلغ مالي لسيارة كبيرة تقوم بتوصيل أبنائهم.
ومنهم من يقطع مسافات طويلة مشياً على الأقدام للوصول إلى للمدرسة.
ولا يزال أكثر من 800 ألف طفل خارج المدرسة