من هي غيتانجالي راو؟

لأول مرة في تاريخها مجلة التايم تختار طفلة "شخصية العام" 2020

"يمكن أن تؤدي الخطوات الصغيرة إلى تغيير كبير، هؤلاء الأطفال يقومون بإحداث تغيير كل يوم في مجتمعاتهم بطريقة ممتعة وسهلة الوصول، لكنها مؤثرة للغاية"!

ربما هذه العبارة التي قالها أندريا ديلباتكو محرر Time للأطفال تختصر الكثير عن أهمية الإنجاز الذي أوصل طفلة لم تتجاوز الخامسة عشر من عمرها إلى غلاف مجلة التايم  لعام 2020.

اسمها غيتانجالي راو وهي أول طفلة يتم اختيارها شخصية العام متفوقة على 5 آلاف مرشح لهذا اللقب.

رافقنا في رحلة في حياة هذه الطفلة العالمة، لنقف عند التفاصيل الصغيرة التي أوصلتها إلى ما هي عليه اليوم.

المحطة الأولى: العمر 3 سنوات

العزف على البيانو ومساعدة الآخرين

لم تكن الطفلة راو قد تجاوزت الثالثة من عمرها عندما طرحت على والدتها سؤالاً كان سبباً في دخولها إلى مجال الموسيقا وتحديداً العزف على البيانو تقول والدتها "سألتني حينها:

كيف يمكننا مساعدة المرضى والمحتاجين، ربما من خلال الموسيقا!؟"

وهذا ما حصل.

بدأت الطفلة الصغيرة تعلم العزف على البيانو ومع مرور الأيام وتطور موهبتها في العزف بدأت بارتياد دور رعاية المسنين في ولاية كولورادو الأمريكية والعزف لكبار السن في تلك المراكز.

الجميل فيما تقوم به راو انضمام أخيها الصغير إليها أيضاً، فهو يعزف على الكمان.

يتوجه كليهما إلى مختلف مراكز رعاية المسنين في الولاية الأمريكية التي هاجرت إليها عائلتهما ذي الأصول الهندية، ويعزفان أجمل الألحان للترفيه على كبار السن.

يتمتع والدي راو بخلفيتهما الأكاديمية، وذلك كان سبباً مهماً إلى دفع طفلتهما في البحث عميقاً عن كل سؤال يجول في خاطرها، فكانا أكبر داعم لفضولها وذكائها.

هذا الفضول كان سبباً في اختراعها تقنيات تشمل جهازاً يمكنه التعرف على الرصاص في مياه الشرب، وتطبيقاً يكشف التنمر الإلكتروني، وبالتالي حصولها على لقب عالمة وهي ما تزال في هذه السن الصغيرة.

المحطة الثانية: العمر 11 عاماً

تسمم 50 طفلاً كانوا سبباً لاختراع مهم

في عام 2014 تعرّض 50 طفلاً في مدينة فلينت بولاية ميشيجان الأمريكية للتسمم بالرصاص جراء تلوث مياه الشرب، البعض أبلغ عن إصابته بالطفح الجلدي وسقوط الشعر.

حينها قامت مجموعة من عائلات المدينة برفع دعاوى قضائية بشأن أزمة المياه، فقد انتشرت مخاوف حينها من أن يؤدي تلوث المياه بالرصاص والمعادن الثقيلة إلى إلحاق الضرر بالمخ والأعصاب ومهارات التعلم والإنجاب والكلى ولا سيما بين الأطفال.

ما حصل كان دافعاً لراو لاختراع جهاز منخفض التكلفة يساعد على إجراء تحليل سريع يكشف تلوث المياه بالرصاص.

أطلقت راو على هذا الجهاز المكون من أنابيب من الكربون متناهية الصغير اسم "تيثيس" وهو اسم آلهة المياه العذبة في الأساطير اليونانية، وهو مرتبط بتطبيق يمكن تحميله على الموبايل ويكشف بشكل فوري عن نسبة الرصاص في المياه.

وحصلت راو بفضل هذا الاختراع على جائزة وهي بعمر الـ 11 على الجائزة الأولى في مسابقة أمريكية للعلماء الصغار في عام 2017، ونالت لقب "أفضل عالم شاب في أمريكا".

حينها عبّرت هذا الطفلة عن أملها بأن تكون هذه الطريقة في الكشف عن تلوث المياه غير مكلفة وذات جودة عالية حتى يتمكن الناس في دول العالم الثالث اكتشاف تلوث المياه وتنقيتها.

تقول راو :

"هدفي ليس فقط ابتكار أجهزة خاصة لحل مشكلات العالم، بل أيضاً إلهام الآخرين للقيام بذلك أيضاً".

التنمر الإلتكروني: KINDLY

لم تكن الاختراعات المرتبطة بالبيئة  فقط ما شكل هاجساً لدى راو، بل أمر آخر ناجم عن تغييرها لمدرستها 7 مرات على مدار 11 عاماً وهو الخوف من التعرض للتنمر وبشكل خاص التنمر الإلكتروني.

وربما هذا الهاجس أمر مبرر في بلد يتعرض فيه طالب من كل 5 طلاب للتنمر الإلكتروني.

ذلك كان سبباً في ابتكارها لخدمة لمعالجة التنمر الإلكتروني اسمها kindly قادرة على اكتشاف التنمر عبر الإنترنت بالاعتماد على تقنية الذكاء الاصطناعي، من خلال ترميز بعض الكلمات التي تعتبر نوع من أنواع التنمر، ويتم التقاطها عبر هذه الخدمة وتتيح للمستخدم خيار تعديلها.

إضافة إلى أن هذه الخدمة تساعد على رفع مستوى الوعي حول مكافحة التنمر.

تقول راو بحسب الفيديو التعريفي الذي نشرته على موقع kindly أن الهدف من هذه الخدمة

"ليس المعاقبة بل للتذكير على أهمية عدم استخدام تلك الكلمات المصنفة على أنها تنمر وفق خوارزميات الذكاء الصناعي".

"كل ما أراه على شاشة التلفزيون هو أن العالِم رجل كبير في السن، وعادة ما يكون رجلا أبيض" راو

المحطة الثالثة: شخصية العام 2020

كيف تم اختيار طفلة لهذا اللقب؟

على مدار 92 عاماً اعتادت مجلة التايم اختيار شخصية العام، ولكن هذا العام وبالتعاون ما بين المجلة مع قناة الأطفال Nickelodeon قررت Time منح هذا اللقب للطفلة روا، وهذا مقياس للقادة الصاعدين من الجيل الأصغر في أمريكا، وتم الاختيار بعد النظر عبر وسائل التواصل الاجتماعي والمناطق التعليمية في الإجراءات الكبيرة والصغيرة.

وكانت القيادة الاستثنائية للعالمة روا هي التي جعلتها أفضل طفل في العام، فهي بحسب المجلة لا تقوم فقط في البحث في الأدوات العلمية مثل الذكاء الاصطناعي وتقنية استشعار الأنابيب النانونية الكربونية بل تعمل على أيضاً على تطبيقها على المشكلات التي تراها في الحياة اليومية.

كما توضح للأطفال الآخرين كيفية الاستفادة من فضولهم بالإضافة لطموحها إلى تكوين جيل من المبتكرين.

حوار خاص بين الطفلة العالمة وأنجلينا جولي

نشرت Time على صفحاتها حوار جمع الطفلة العالمة مع الممثلة أنجلينا جولي، محررة مساهمة في التايم ومبعوث خاص للمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين.

وكانت جولي قد سألت راو عن الوقت الذي اكتشفت فيه شغفها للعلم.

تجيب روا "أشعر أنه لم يكن هناك حقاً لحظة محددة، كنت دائماً شخصاً يريد رسم الابتسامة على وجه شخص ما، وسرعان ما تحول إلى كيف يمكنني أن أنشر الإيجابية في المجتمع والمكان الذي أعيش فيه، وذلك عندما كنت في الصف الثاني أو الثالث، حينها بدأت أفكر في كيفية استخدام العلم والتكنولوجيا لإحداث تغيير اجتماعي، كنت في العاشرة من عمري عندما أخبرت والديّ أنني أريد البحث عن تقنية استشعار الأنابيب النانوية الكربونية في مختبر أبحاث جودة المياه في دنفر".

تقول روا لـ "التايم"نحن نجلس هنا والعالم يواجه وباءً جديداً، وما زلنا نواجه مشكلات تتعلق بحقوق الإنسان، وهناك مشكلات لم نكن مسؤولين عنها ولكن يتعين علينا الآن حلها مثل تغير المناخ والتنمر عبر الإنترنت مع دخول التكنولوجي".