عارضة الأزياء الأجمل
القصة الملهمة لـ "مادلين ستيوارت"
لنبدأ قصتنا هذه مع كروموسوم الحب، ذلك الكروموسوم الإضافي الذي يولد به أطفال متلازمة الداون ومنهم عارضة الأزياء الجميلة مادلين ستيوارت ذات الـ23 عاماً من مدينة بريسبان بأستراليا.
ولكن لماذا أطلقنا على هذا الكروموسوم الإضافي المسبب لمتلامة داون بكروموسوم الحب، باختصار لأن قصة مادلين أوحت لنا بذلك، فهي ووالدتها اعتبرتا ذلك شيئاً يميزها بشكل فريد عن الآخرين ودافعاً لتحقيق حلمها على أهم مدرجات عروض الأزياء.
لتحمل مادلين ذلك النجاح إلى مجال الأعمال الإنسانية وهناك مدت يدها لكل شخص يتمتع بكرموسوم الحب!
والآن إلى الفصل الأول من هذه القصة الملهمة..
البداية: خسارة 20 كيلوغراماً
كان يوماً بارداً في نهاية العام 2015 عندما رافقت مادلين والدتها لحضور عرض أزياء في مدينتهم بريسبان بأستراليا، وهذا اليوم الذي لن تنساه مادلين فهو الذي غيّر حياتها.
تقول لـ"Tiny Hand" لقد "كان كل شيء ساحراً بالنسبة لي، الملابس وعارضات الأزياء، هنا قلت لوالدتي أريد أنا أيضاً أن أصبح عارضة أزياء".
أجابتها والدتها "أياً كان ما تريدين فعله سأحاول تحقيقه".
وهذا ما حصل!
بدأت مغامرة مادلين حينما عكفت على إنقاص وزنها بينما تطارد حلمها بأن تصبح عارضة أزياء، بعد أداء التمارين الرياضية واتباع نظام غذائي صحي خسرت مادلين 20 كيلوغراماً من وزنها.
وبمجرد نشر الصور لما قبل فقدان وزنها وبعده على الشبكات الاجتماعية، انتشرت قصتها انتشاراً واسعاً، وفي غضون أيام حققت تلك الصورة أكثر من 6.8 مليون مشاهدة.
كان هدف مادلين ووالدتها بالدرجة الأولى من نشر تلك الصور "لتشجيع الآخرين ممن يعانون من متلازمة داون على العيش حياة سعيدة وصحية" تقول مادلين.
لم يمر وقتٌ طويل قبل أن يرن هاتف مادلين من دون توقُّف، لتحصل فوراً على عروضٍ مُقدَّمة من 3 شركات لتصبح عارضة.
وخلال الأسابيع القليلة المقبلة، حققت مادلين قفزة مهنية إلى الأمام بعد أن تلقَّت مكالمةً هاتفية أخرى تجاوباً مع صورتها المنتشرة.
ومن تلك اللحظة لم تتوقف مادلين عن العمل والتألق في مجالها.
Q: ماذا يعني لمادلين وعائلتها أن تكون أول عارضة أزياء مصابة بمتلازمة داون؟
A: إنه لأمر مدهش، لكننا لا ننظر إليه على هذا النحو، فقد عملت مادلين بجد من أجل هذه المهنة وللمكانة التي وصلت إليها اليوم، وهي تشعر بامتنان كبيرة وتشعر بالسعادة لإلهام الآخرين بالمضي بأحلامهم أيضاً.
والآن إلى مدرجات عروض الأزياء
"أغلقت عيني وتنفست بعمق بينما كنت أرتدي فستاناً من تصميم Hendrik Vermeulen" تقول مادلين "كان كل شيء مذهلاً للغاية تماماً مثل المصمم الذي يمتاز بموهبته وتواضعه".
وخرجت إلى الممشى بكل ثقة لتسرق الأضواء بجمالها وثقتها.
كان عرضها الأول على أحد مدرجات عروض الأزياء في نيويورك، ومن هناك انطلقت، ففي تلك اللحظة التي خرجت فيها إلى الحضور شعرت للمرة الأولى في حياتها "أن الجميع يرونني ويقدرونني".
ومن نيويورك توالت عروض الأزياء في فرنسا، إيطاليا، بريطانيا، الصين ودبي وغيرها، وتصدرت صورها أهم مجلات الموضة العالمية.
حين سألناها عن تفاصيل ذلك العالم الذي دخلته والمعروف بـ صراعاته الدائمة، فمجال الموضة وبناء شهرة فيها ليس بالأمر السهل، تقول مادلين لـ "Tiny Hand" غالباً "ما يفترض الناس أن المصاب بمتلازمة داون هو شخص طري، لكننا في الواقع أقوياء نحن أبعد ما يكون عن الليونة، ونناضل من أجل الوصول لما نريده".
تضيف "إن أي صراع نواجهه في عالم الأزياء نتعامل معه بنفس الآلية، نحن لطيفون إذا كان الناس معنا لطفاء وندافع عما هو صحيح".
الفصل الأهم من حكايتها: الإنسانية!
في حين تستمر مادلين كونها واحدة من أنجح النماذج بمجال الأزياء، وعلى الرغم من حقيقة أنها لا تشير إلى نفسها بهذه الصفة فلا خلاف على أنها أصبحت رائدة في مجالها.
فهي أول عارضة محترفة مصابة بمتلازمة داون تصبح وجهاً لشركة مستحضرات تجميل، فضلاً عن امتلاكها خط إنتاج حقائب يد من تصميمها يحمل اسم The Madeline وهي أول عارضة أزياء من ذوي الإعاقة تسير على منصة عرض أزياء كبيرة في بارس.
كل هذا النجاح يمنح الإيمان والثقة لكل أولئك الذين يكافحون من أجل اكتشاف الحافز لرؤية ما وراء العقبات التي تبدو مستحيلة وتعرقل الوصول إلى أهدافهم.
ومن أجل كل ذلك أخذت مادلين على عاتقها أيضاً المساعدة!
فقد أسست مدرسة للرقص، تقول مادلين لـ"Tiny Hand" في "مدرسة InsideOutside Dance نعمل مع جميع مستويات الإعاقة ونوفر لهم الفرص لتعلم مجموعة متنوعة من أنماط الرقص والحصول على تجارب الأداء على المسرح".
المدرسة بحسب مادلين ليست فقط بيئة تعليمية حيث تلتقي وتتعرف على أصدقاء جدد، ولكنها "تمنح الناس الثقة بالنفس، وتحسّن لياقتهم، وتوجههم إلى المجتمع".
وليس ذلك فقط!
تحاول مادلين انتهاز أي فرصة للتوعية حول المصابين بمتلازمة الداون، منها رحلتها إلى أوغندا المكان الذي لا يزال يقتل في الأطفال ببساطة لكونهم وُلدوا بإعاقات مثل متلازمة داون أو التوحد.
وهناك ظهرت مادلين على شاشة التلفزيون المحلي لتشارك قصتها معهم، إلى جانب مشاركتها في مجموعات الدعم في مختلف المدارس.
كان لزيارتها تأثير كبير، فقد منحت الشجاعة لقرابة 50 عائلة ممن لديهم طفل معاق للخروج من مخابئهم، العديد من تلك العائلات عاشت مختبئة خوفاً من أن يتسبب إعاقة أطفالهم خروجاً عن المألوف واحتمالية مقتلهم.
رؤية قصة مادلين منحت تلك العائلات ما كانوا يحتاجونه للعيش على مرأي ومسمع من الجميع دون الخوف من أن الآخرين سيفشلون من إدراك الأرواح المذهلة لأطفالهم ذوي الإعاقة.
Q: دعمت العشرات من المنظمات غير الربحية، وصممت عروض أزياء لجمع التبرعات، ما هي رسالتك مما تقومين به؟
A: كلنا نستحق أن نحب ونقدّر، الجميع متساوون وكل شخص يتمتع بصفات فريدة من نوعها، ولا يبنغي تجاهل أحد أو استبعاده.
لسوء الحظ يشعر الكثير من الأشخاص من ذوي الإعاقة أنهم لا ينتمون لأي مكان، أريد تغيير ذلك بحيث يتم تقدير جميع الأشخاص.
حان الوقت للخروج من الحجر المنزلي!
مادلين واحدة من الملايين حول العالم الذين التزموا بالحجر المنزلي الذي فرضه انتشار فيروس كورونا، وبعد 3 أشهر قررت العودة رويداً رويداً إلى روتينها اليومي، لكن "مع أهمية الالتزام بالتباعد الاجتماعي" على حد وصفها.
ربما اليوم سيختلف قليلاً روتينها اليومي عما كان قبل انتشار فيروس كورونا، لكنها بالتأكيد مستمرة في "ممارسة الرياضة يومياً، والذهاب إلى مدرسة الرقص، ومقابلة أصدقائها".
فهي تفتقد إلى "السفر والعمل المزدحم الذي كان أبطأه اليوم فيروس كورونا، حيث تستيقظ مبكراً وتحضيرات الشعر والمكياج والتقاط الصور والمشي عبر الممشى وحضور عروض مدرجات الأزياء وإجراء المقابلات" تقول مادلين.
وهي تنتظر بشغف عودة العمل، واستمرارها في العمل على تغيير النظرة إلى عالم الأزياء وإضفاء التنوع عليها، وهي تأمل أن تسير يوماً في ممشى لمصممين رائعين مثل "Tommy Hilfiger أو Chanel أو Lou Vuitton أو Versace".
وليس ذلك فقط، بل هي تتطلع أن تكون أيقونة في عالم الأزياء تماماً مثل "كارلي كلوس" التي تنظر إليها بكل إعجاب فهي بالنسبة لمادلين "جميلة من الداخل والخارج، وتشجع الناس على الإيمان بأنفسهم، وهذه صفة رائعة تستحق الإعجاب، كما أنها عارضة أزياء ناجحة ألهمت ودعمت زملاءها" تقول مادلين.
ورغم أن مادلين تملك الكثير من الأحلام التي تسعى إلى تحقيقها لكن الأمر المؤكد أن كل قصة تكتب عنها وتجري مشاركتها لن تخلو من الإلهام المصاحب لمسيرتها.