حياكة العلم

هي ليست عصا سحرية واحدة، بل اثنتين ويصبح علم التشريح مسلياً

Tiny Hand

سنارتان وكرات من الصوف الملونة والكثير من الشغف والصبر هو كل ما يحتاجه الأمر لتحوّل أمراً ربما يعتبره البعض أمراً مقززاً ومن الصعب تقبّله لآخر جميل وممتع!

وهذا بالضبط ما قامت به الفنانة إميلي ستونكيج، والتي استفادت من موهبتها في حياكة الصوف في صناعة نماذج تفصيلية لجسد الإنسان وعدد مختلف من الحيوانات.

أنا لست عالمة!

18 عرضاً تشريحياً مختلفاً

فأر، أرنب، خفاش وحتى رأس الإنسان وقلبه هي أجزاء صغيرة من مجموعة إميلي التي قامت بحياكتها على مر سنوات، بدءاً من عام 2006 وحتى اليوم ليصل عدد القطع لأكثر من 3000 قطعة من ضمنها 18 قطعة لأعمال تشريحية.

كل ذلك، قامت به وهي لم تلتحق يوماً بمعهد لتعليم الحياكة ولا حتى ورشة تدريبية، بل دربت نفسها بنفسها.

وخاصة أن إميلي درست تاريخ العصور الوسطى وألمانيا في إحدى الجامعات الأمريكية، ومن هنا اكتشفت شغفها بعلم التشريح!

ولكن كيف ذلك، ما علاقة التاريخ بالصوف بعلم التشريح؟!!

تقول إميلي لـ "tiny hand":

لطالما "أحببت بشدة الفن الحديث في العصور الوسطى وأوائل القرن الماضي، وكنت معجبة بالرسومات الطبية والعلمية المبكرة"

إذاً، كان ذلك وراء شغفها وسعيها لأن تفعل شيئاً مماثلاً في هذا السياق، تقول "قررت حينها أن أستكشف الرسوم التوضيحية التشريحية وأطبقها في المجال الذي أعرف فيه، وهو الحياكة".

رغم أن إميلي ليست عالمة كما توضح، وربما لم تكن هذه الأعمال دقيقة في المستوى المطلوب "علمياً" لكنها تعتبر نموذجاً مساعداً في مجال التشريح الذي يعتبره كثيرون مقززاً وخاصة بالنسبة للأطفال.

"هذه النماذج ليست مثالية كأدوات تعليمية، لكنها قد تخلق الرغبة والحب في خوض هذا المجال، وبالتأكيد بإمكان أي عالم أن يعرف أنها ليست دقيقة" تقول إميلي.

علم التشريح لا يعني "الدم" فقط!

في الوقت الذي يحتاج علم التشريح وهو أحد فروع علم الأحياء الكثير من التركيز خلال دراسته والغوص فيه، يتطلب الأمر نفسه من إميلي، الكثير من التركيز خلال عملية الحياكة.

ولكن مثل أي عمل في الحياة لن ننجح فيه أو نتقنه إن لم نكن نحبه ونمتلك القناعة الكافية بما نقوم به.

فمثلاً بالنسبة لإميلي الحياكة نفسها عمل ممتع، فهي "تستمتع بحركة النقر الإيقاعي وحركات اليد المتكررة، فهي فرصتها للتأمل والاسترخاء" بحسب وصفها.

لا يهم كم من الوقت يستغرق إنجاز كل قطعة من تلك القطع بالنسبة إليها، بل ما يعنيها هو النتيجة النهائية لهذا العمل.

وهي أعمال خالية من القسوة أو الدم، وخاصة لمحبي الحيوانات وكل من يرغب التعرف على المناطق الداخلية لها، فتتيح هذه الأعمال الفرصة بخيوطها الصوفية التعرف على تلك التفاصيل.

تقول إميلي "أتمنى لو كنت أملك مهارات الرسم الدقيق كي أتمكن من إنشاء رسومات توضيحية مثل تلك التي ألهمتني لفترة طويلة، لكن للأسف لا يمكنني الرسم، لذلك اخترت القيام بحياكتها بالصوف عوضاً عن ذلك"

وتعرض إميلي تلك الأعمال على موقع etsy، وذلك إلى جانب عملها في مجال الرسم على الزجاج والذي أتقنت عمله من خلال تدربها في استديوهات Ribbecke Stained Glass للزجاج الملون وهي شريكة في هذا الاستديو أيضاً.

ويبدو أن عشق إميلي للفن لم يتوقف عند هذا الحد، حيث تعمل أيضاً في متحف فليمنغ للفنون في مجال رعاية المجموعات.

إميلي

رغم تلقي إميلي أحياناً ردود فعل سلبية عن أعمالها ذات "الذوق السيئ" كما يرسل لها البعض عبر الإيميل، لكن ذلك لم يمنعها من المتابعة والاستمرار بما تقوم به بل هي أيضاً تسعى اليوم إلى حياكة جسد الإنسان كاملاً.

تقول "الردود السلبية موجودة دائماً، ولكن في المقابل هناك أشخاص أثرت فيهم هذه القطع وشاركتهم مناسبات مميزة في حياتهم".

فمن الملاحظات التي وصلتها يوماً أن القطعة التي حاكتها لرأس الإنسان تم إهداؤها لشخص كان قد تعافى من ورم في المخ، وأخرى تم إهداؤها لطالب تخرج من كلية الطب، فلم يجد والديه الفخورين بإنجازه أجمل من تلك القطع لتشاركهم وتعبّر عن فرحتهم.

"كل ذلك يجعلني أشعر بالسعادة بما أقوم به" تقول إميلي، التي تؤمن أن الذكريات هي أهم ما يرافق الإنسان كل ما تقدم به العمر، فهي لن تنسى مهما تقدم بها العمر زياراتها العائلية عندما كانت طفلة في نيو مكسيكو والمشي بعد ظهر كل يوم مع ابن عمها إلى متجر الحرف اليدوية لشراء لوازم فنية رخيصة.

لكل طفل أقول:

ابحث عن الشيء أو الأشياء التي تهتم بها بشدة، وتعلّم الكثير عنها. لا يهم ما الذي تجده رائعًا، لا يهم إذا كان هناك من يعتقد أنه مثير للاهتمام أم لا. إذا أعجبك ذلك، تعرّف عليه، ولا تشعر بالحرج لأن تكون متحمسًا لمشاركته مع العالم! "إميلي"