أطفال إدلب، انظر إلى عيونهم!
رحلة الهروب الأخيرة من "معرة النعمان"
ظهرت وهي ترتدي قميصاً وردياً تمسك بقضيب من المعدن الملتوي تحت الأنقاض، حوصرت ساقيها تحت سقف منزلها الذي انهار خلال غارة جوية في شمال سوريا وتحديداً في معرة النعمان.
بصوت يختنق بالدموع تسأل هذه الفتاة الصغيرة/ 9 سنوات "أين والدتي؟".
يجيبها أحد رجال الإنقاذ "إنها موجودة هناك"، "لا تبكي يا حبيبتي".
لكنها لم تكن موجودة "هناك" كما قال لها هذا الشاب!
فقد قتلت والدة إسلام هبرا ومعها طفلان آخران أحدهما يبلغ من العمر 3 سنوات والآخر 9 سنوات في غارة جوية استهدفت منطقتهم الخميس 19 ديسمبر.
كان هذا أحد مقاطع الفيديو الذي انتشر بشكل كبير على الشبكات الاجتماعية عن الوضع الذي تعيشه معرة النعمان بريف إدلب مؤخراً نتيجة القصف الجوي.
قصف ودمار ثم نزوح!
مقتل 50 شخص بينهم 5 أطفال
منذ يوم الاثنين 16/ ديسمبر قتل أكثر من 50 شخص بينهم 5 أطفال في مدينة معرة النعمان بحسب إحصائيات نشرتها الخوذ البيضاء.
ويأتي ذلك نتيجة القصف المكثف للطيران الروسي والمدفعية السورية على المدينة الواقعة بريف إدلب الجنوبي.
الأمر الذي أدى إلى حركة نزوح كبيرة من المعرة إلى مدن وقرى ريف إدلب.
ومنذ أكتوبر، غادر أكثر من 100.000 شخص في شمال غرب سوريا منازلهم، هربًا شمالًا إلى الحدود التركية، وفقًا لما ذكرته الخوذ البيضاء.
وبحسب أرقام الأمم المتحدة، فإن محافظة إدلب هي موطن لأكثر من 1.1 مليون من النازحين داخلياً في سوريا البالغ عددهم 6.1 مليون.
الهرب نحو الشمال
معرة النعمان تتحول إلى مدينة أشباح
صباح السبت 20 ديسمبر، رافقنا عدداً من السوريين الذين أخذوا قرار النزوح من منازلهم في معرة النعمان، سألناهم إلى أين يتجهون الآن؟
ربما لم يكن السؤال المناسب في وضعهم هذا، فالمهم بالنسبة إليهم الآن الرحيل والهرب من القصف والوصول إلى مكان آمن.
أحد السكان، طلب منا عدم ذكر اسمه لأسباب أمنية" قال لنا إن الوجوه وحدها تحكي حجم المأساة، وخاصة أن هذا النزوح لعدد كبير منهم هو النزوح الثالث أو الرابع حتى".
ويضيف "وضبت ما استطعت من أغراض، كان أهمها البطانيات فالطقس بارد جداً"، أنهى جملته هذه وركب مع عائلته سيارة بيضاء من طراز سوزوكي وانطلقوا.
عيون الأطفال قالت الكثير
لن نبالغ عندما نقول إن المدينة باتت مدينة أشباح، شاحنات بمختلف الأحجام تعبر في شوارعها المهدمة وشبه الخالية، لنقل من بقي من الأهالي.
لكن اللافت في كل هذا المشهد كان الأطفال، لم نسمع بكاءاً أو صراخاً. الوجوه أغلبها كانت شاحبة عيونهم سارحة، سألنا والد أحدهم عن السبب فقال لنا "حجم الرعب الذي عاشوه الأيام الماضية من القصف من جهة، والمجهول الذي نتجه نحوه من جهة أخرى".
هذا العام لا يبدو أفضل للأطفال
تشير أرقام اليونيسيف إلى أن الأطفال في سوريا ما زالوا يتعرضون لنفس المستوى من الخطر الذي كانوا عليه في عام 2018.
في ذلك العام، قُتل 11طفلاً، وهو أكبر عدد من الأطفال الذين قتلوا في عام واحد منذ بدء الحرب السورية.
"وهذا العام لا يبدو أفضل للأطفال" اليونيسيف.