أطفال سوريون ضحايا انتهاكات جنسية

وصمة العار القاتلة والقوانين الهشة

الرسومات من موقع درج

الرسومات من موقع درج

هذا التحقيق يعالج في الجزء الثاني منه "ثغرات قانونية لا تساعد الضحايا في مناطق دمشق وما حولها"

داخل خيمة شبه مهترئة، كان أبو محمد يعد قهوته، فرغم النزوح إلا أنه لم يتخل عن عادة شرب قهوة الظهيرة، يدخل عليه طفله (ثمانية أعوام) بوجهه المصفر وجسده المرتعش، الحادثة وقعت بداية هذا العام.

هنا اختلط الأمر على أبو محمد هل الطفل يرتجف برداً، فرياح شهر شباط/ فبراير القاسية لا ترحم، أم أن مكروهاً أصابه؟!

"خلال 5 دقائق دخل طفلي إلى دورة المياه 10 مرات متتالية".

"هل أصابك مكروه ما؟"، يسأله والده، لكن الطفل لا يجيب "لقد كان يشعر بالخوف مني، طلبت منه الجلوس بجانبي، وأن يخبرني بما حصل معه، لكنه رفض". ومع إصرار الأب بدأ الطفل بسرد تفاصيل ما حصل معه.

في يوم آخر، حدّثه الصغير -في الصف الرابع ولم يتجاوز الثامنة من عمره- عما جرى معه في المدرسة "الخيمة" الواقعة على بعد خيام قليلة بمخيم سجو بمدينة أعزاز شمال سوريا قرب الحدود التركية. المخيم يقع تحت سيطرة الحكومة السورية المؤقتة. ما بجعبة الطفل كان مختلفاً و"صادماً".

يعيش ابو محمد وعائلته مثله مثل 6.2 مليون إنسان داخل مخيمات ضمن حدود سوريا. بحسب إحصائية للمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين (UNHCR)، فإن 2.5 مليون منهم من الأطفال. وتفتقر الكثير من المخيمات إلى الخدمات الأساسية، كما تعاني من الاكتظاظ وتلاصق الخيام.

"يافعان اغتصبا طفلي ذي الـ 8 سنوات"

الحادثة وقعت خلال استراحة تفصل بين حصصه الدراسية. جاء إليه يافعان (في السادسة عشرة، والسابعة عشرة من عمرهما). قاما باستدراجه إلى بستان بعيد عن المخيم، ووعده باللعب -في حال رافقهما- بدراجهتما الهوائية.

وافق الطفل، ووضع حقيبته المدرسية على ظهره، وركب على الدراجة الهوائية، وانطلق ثلاثتهم بعيداً عن مدرسة الصغير وعن الأنظار.

وهناك حصل ما حصل، قاما باغتصاب الطفل.

يحكي الطفل لأبيه كيف حاولا بادئ الأمر إقناعه بما سيقومان به، وكيف شعر بالخوف محاولاً الهرب لكن من دون جدوى.

الأول رماه على الأرض وأحكم قبضته على يديه كي لا يتحرك بينما يغتصبه صديقه، وما أن انتهى حتى قام الآخر بتقييد الطفل ليغتصبه هو أيضاً.

لم يستغرق الأب وقتاً طويلاً ليكتشف من قام باغتصاب طفله، فأن يمتلك أحدهم دراجة هوائية في مخيم ليس بالأمر الشائع.

يقول الأب: "عندما أخبرني ابني التفاصيل كنت أنوي قتلهما، لكنني ترويت ولم أرتكب جريمة بحقهما، واعترفا بكل ما قاما به، وهما في السجن منذ شهور عقوبتهما السجن لمدة 7 سنوات". حينها لجأ الأب إلى مخفر الشرطة في المنطقة، والتي بدورها تابعت التحقيقات.

وعلى الرغم من سجن الفاعلين، إلا أن الأب وجد نفسه أمام قضية أكثر تعقيداً وهي "الوصمة"، حيث انتشر خبر اغتصاب طفله في المخيم، وبدأ الطفل يتعرض لمضايقات.

وتعتبر مسألة الوصمة من أكثر الأمور الشائكة التي تواجه الأسر التي يتعرض أطفالها لتحرش أو اعتداء جنسي في ظل مجتمع يعاقب الضحية، وسط أزمة نزوح مستمرة منذ أكثر من 11 عاما، إذ تتكتم الأسر والسلطات المحلية في معظم الأحيان على قصص التحرش والاعتداء الجنسي.

برحيلي حافظت على طفلي وكرامته وكرامتي

هنا شدت الأسرة رحالها إلى مخيم آخر بعد 7 سنوات قضتها في هذا المخيم. يقول الأب "أردت المحافظة على طفلي، كان كلما غادر الخيمة عاد باكياً إليها لما يسمعه من كلام سيئ. برحيلي حافظت على طفلي وكرامته وكرامتي".

ورغم أن الأب انتقل إلى مخيم آخر، إلا أنه إلى اليوم لم يرسل طفله إلى المدرسة خوفاً عليه، وخاصة أنه يلوم بكل ما حصل معه أستاذ المدرسة، الذي لم يتفقد غياب الطفل خلال الدوام الدراسي.

ينتظر تعافي طفله من حالة الذهول التي اعترته، إذ تبدو واضحة في كل مرة يوجه الأب له سؤالاً "عندما أحدثه بأمر ما تأتيني الإجابة متأخرة، وهو يخاف من ارتياد المدرسة مجدداً بسبب ما حصل معه هناك، فقد حاول مع والدة الطفل عرضه على منظمة إنسانية كي تقدم له علاجا نفسيا، إضافة إلى مشاكل جسدية من تبول لا إرادي وآلام في البطن"، يختتم والد الضحية كلامه.

مجهول يغتصب طفلاً عمره 3 سنوات


يوجد في الشمال السوري، ونقصد هنا المناطق التي تخضع لسيطرة المعارضة السورية، قرابة 1400 مخيم يقطنها نحو 321 ألف عائلة، خاضعة لسلطة الحكومة السورية المؤقتة المدعومة من تركيا في شمالي سوريا، وحكومة الإنقاذ في مناطق هيئة تحرير الشام في شمال غرب سوريا، تصنّف أغلبها كمخيمات عشوائية غير منظمة يكاد لا يفصل بين الخيمة والأخرى أمتار قليلة، ولا خصوصية لسكانها، الأمر الذي تعتبره سميرة، وهي عاملة في مجال الحماية الاجتماعية للطفل مع إحدى المنظمات الإنسانية، أحد عوامل تعرَض الأطفال لخطر الاغتصاب وغيره من أشكال العنف الجنسي.

سميرة*، وهو اسم مستعار طلبت أن يبقى سرياً حفاظاً على خصوصية الناجين من الاغتصاب، تعمل في مناطق عفرين وريفها، وأعزاز وريفها ومارع وجرابلس وجنديرس، إضافة إلى عفرين المدينة.

ومن إحدى تلك المخيمات وتحديداً من مخيم سجو في اعزاز وجدت سميرة نفسها تمسك يد طفل صغير عمره 3 سنوات تساعده على تجاوز ما تعرّض له. الحادثة وقعت في بدايات عام 2021 في الخيمة المجاورة لخيمة الطفل اغتصبه يافع يبلغ من العمر 16 عاماً.

حينها أمسكت والدة الطفل بجارهم خلال قيامه باغتصاب طفلها الذي تعرّض لتشققات وجروح كبيرة ونزيف دماء.

"المشهد كان سيئاً جداً وكاد الطفل أن يموت" تقول سميرة. "سارعت الأم لإسعاف طفلها، وتمّ تسليم الجاني للأمن وتهجير عائلته إلى منطقة أخرى".

الخوف من مغادرة الخيم ليلاً

عادة عندما تغيب الشمس تفضل العائلات النازحة ألا تسمح لأطفالها الخروج من الخيم، فالعائلات التي كانت تعيش قبل الحرب في أحياء يعرف الجميع بعضهم البعض، لم تعد تشعر بهذا الأمان في مكان يجمع أشخاص من خلفيات مختلفة وعائلات غريبة عنهم.

“فالعائلات التي كانت تعيش في أحياء يعرف الجميع فيها بعضهم البعض، فقدت شبكات الأمان الاجتماعي لدى انتقالها الى مخيمات تضم أشخاصا من خلفيات مختلفة وعائلات غريبة بظروف نزوح وحياة صعبة”.

والطفل أحمد كان واحدا ممن تعرضوا للتحرش، وهو في طريقه إلى بقالة في المخيم الذي يعيش فيه.

حالة هذا الطفل هي الأخرى كانت قد تابعتها سميرة. عمره 14 عاماً، كان في طريقه لشراء أغراض عندما اعترض طريقه شاب في الثامنة عشرة، لكن لم تكن إصابة هذا الطفل الجسدية كبيرة، لأن عملية الاغتصاب لم تتم بشكل كامل.

ورغم أن الخطر الذي يحدق بالأطفال قد يأتي من شخص لا يعرفونه. لكن قد يبدو صادماً عندما يكون الجاني شخصا قريبا منه، يعيش معهم في الخيمة، وهذا ما حصل مع الطفل سعيد (7 سنوات)، التقته سميرة في مستشفى الأتارب عندما أسعفته والدته إلى هناك. الجاني زوج عمته الذي هرب بعدما انكشف الأمر.

"كان يهدده في كل مرة يغتصبه فيها أنه إذا أفصح عن الأمر سيرميه في حفرة عميقة ويتركه ليموت، وبالفعل اختار الطفل الصمت خوفاً"، تقول سميرة.

لكن آثار الاغتصاب التي كانت واضحة على جسده من تشققات وأوجاع في البطن وعدم القدرة على الجلوس بشكل جيد، كانت كفيلة بالكشف عما حصل. تم إسعاف الطفل بينما هرب الجاني.

عقوبة المغتصب في مناطق المعارضة


في المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة السورية، يتم تطبيق قانون العقوبات السوري (رقم 148)، الأمر الذي يوضحه لنا المحامي محمود الهادي، نقيب المحامين الأحرار في الشمال السوري.

وبالنسبة للمحامي فقد أكد على أنهم يتلقون ويسمعون بشكل دائم عن وجود حالات تحرش واغتصاب الأطفال، وهو يرى أن الحرب والنزوح إلى المخيمات العشوائية غير الملائمة تعد سبباً لوقوع هذه الحالات، إضافة إلى عمالة الأطفال سواء لإعالة عائلاتهم، أو بسبب تشردهم بعد مقتل معيلهم بسبب الحرب.

وبالنسبة لآلية التبليغ عن هذه الجرائم التي تقع على الأطفال سواء كانوا ذكوراً أم إناثاً، يقول المحامي "إما عن طريق معيل الطفل، أو يتم اكتشافها بالصدفة من قبل رجال الشرطة، أو عن طريق الجهات الطبية أو دور الرعاية ورياض الأطفال".

ويتابع الهادي أنه "يتم نقل التبليغ بعد ذلك إلى محاكم الأحداث في الشمال السوري، وهناك يتجنبون المحاكمات العلنية للحفاظ على خصوصية الطفل، ويتم الاستجواب بشكل سري، يحضر معه ولي الأمر والمحامي".

وهنا يشير الهادي إلى نقطة مهمة، وهي أن مثل هذه القضايا يترافع عنها المحامون مجاناً.


الرجال هم أيضاً ضحايا

دعت الأمم المتحدة في تقرير في تموز/ يوليو 2021 إلى "الحاجة لتجريم الاغتصاب باستخدام تعريف للاغتصاب أوسع مما هو مستخدم حاليا، بحيث يغطي جميع الأشخاص. ويقول التقرير إنه "رغم أن النساء يمثلن النسبة الأكبر من ضحايا هذه الجريمة، فإن الرجال هم أيضا ضحايا".

واللافت أنه بحسب تعريف القانون السوري للاغتصاب أو "الفعل المنافي للحشمة كما يعرفه"، فهو "فعل يتم من رجل على أنثى فقط"، فنص القانون هنا لا يشمل جرم الاغتصاب الذي يقع على الأطفال الذكور.

عائلات تفضل الهرب خوفاً من الوصمة وترفض اللجوء إلى القانون

نبيل* (12 عاماً)، كان يعمل في ورشة تصليح في ريف إدلب، ترك المدرسة بسبب وضع عائلته المادي وبدأ بالعمل، وهناك تعرّض للاعتداء من قبل العاملين بالورشة.

تقول لنا مسؤولة الحماية كنانة* التي تابعت القضية إنهم نقلوا العائلة لمكان آخر حفاظاً على سلامتها.

وتعتبر عمالة الأطفال من المشاكل التي تواجه المجتمع السوري في ظل الحرب والنزوح، إذ ترسل الكثير من الأسر أطفالها للعمل بسبب الفقر أو غياب المعيل كالأب. وتقدر منظمة إنقاذ الطفل عدد الأطفال المتسربين من المدرسة بـ 2.4 مليون طفل. كما تشير إلى أن 1.6 مليون طفل آخر معرضون لخطر التسرب، وهو ما يمكن أن يشكل إضافة جديدة لسوق العمل، ما يجعلهم معرضين لأخطار، مثل: الاغتصاب أو التحرش أو إصابات العمل أيضاً.

لأنهم يعيشون في منطقة حرب

تعتقد كنانة*، العاملة منذ 6 أعوام في مجال الحماية الاجتماعية اختصاص العنف القائم على النوع الاجتماعي وحماية الطفل، أن الحل الأمثل في مثل هذه الحالات، هو نقل العائلة الضحية لمخيم آخر لأنه "لا يزال هناك قصور في موضوع القانون في المناطق الخاضعة للمعارضة، يكفي أن يكون للشخص وسيط يهدد باسمه، وبالتالي يتم طي القضية، الأمر الذي يجعلنا نشعر بالعجز ونكتفي بنقل الطفل وعائلته لمخيم آخر".

السيدة الخمسينية ساهمت بتأسيس ما يسمى المساحات الصديقة، والتي لها دور في الكشف عن وجود حالات الاغتصاب هذه. مهمة هذه المساحات بناء حالة ثقة مع القاطنين ومساعدتهم في علاج ضحايا العنف الجنسي، وأهم أمر هو التعامل بسرية.

لم يكن الإفصاح الذي وصلهم عن حالات تحرش تعرضت لها فتيات فقط، بل أيضاً الأطفال الذكور. خلال 4 أشهر، تعاملت كنانة مع 3 حالات بين تحرش واعتداء. وبرأيها تأتي خطوة الإفصاح هذه بعد بناء حالة الثقة ووجود أشخاص لديهم القدرة على التعامل مع هذه الحالات، وتقديم الخدمات التي تحتاجها، والدعم النفسي للأهل والطفل.

ففي برنامج حماية الطفل يتم تقديم جلسات دعم نفسي بشكل دائم، وفيها يتم توزيع قصص يطلبون فيها من الطفل أن يقوم بتلوين أجزاء من جسده ممنوع أن يلمسها أحد، وبالتالي كيف يتصرف في حال تعرض إلى ذلك.

المغتصب الأب… الضحية ابنه… المنقذ العمة

كلما كانت الصلة مع المغتصب أقرب كلما زادت تعقيدات القضية، وهو ما وجد عامر* نفسه مجبراً على التعامل معه، إذ أنه يعمل في مجال الحماية الاجتماعية.

فالشاب النازح من مدينة الغوطة بدمشق، بدأ العمل في هذا المجال منذ العام 2013 تاركاً وراءه منزلاً مدمرا في الغوطة الدمشقية، متخلياِ عن اختصاصه في مجال الهندسة المدنية، ليعمل في مجال الحماية الاجتماعية للأطفال.

يقول عامر إنه خلال عامين، تابع مع فريقه 15 حالة من ضمنها 4 حالات عالية الخطورة، أي تلك الحالات التي تحتاج خدمات متعددة من صحية ونفسية وقانونية ورعاية وإيواء، أكثرها تعقيداً كانت الأب هو المسبب لطفله.

وهنا تكمن صعوبة الأمر، أن الإفصاح عن القضية يكون صعباً خوفاً من الوصمة، لكن حالة هذا الطفل التي تابعها عامر كانت بسبب تدخل العمة.

بداية لم يكن الجاني واضحاً من هو، هم 3 إخوة أكبرهم كانت عليه شكاوى من المدرسة لسوء سلوكه، عمره 13 عاماً.

كانت حالة إفصاح غير مباشرة، وردت شكوى متكررة من المدرسة لفريق الحماية باعتبار أن هناك تنسيقا مستمرا مع التعليم. اشتكى الأساتذة منه لقيامه بمضايقات وإساءة مستمرة للأطفال. "بعد التقييم تبين أنه هو من تعرض للإساءة، وهو يعاني من تبول وتبرز بصورة لا إرادية، نتيجة الاعتداء والاغتصاب، ومع الوقت تبين أن الجاني هو والده".

لكن العمة هي من التي كشفت حقيقة ما حصل.

بالنسبة للأطفال البقية، إخوة الطفل الضحية والذين تتراوح أعمارهم بين 5 إلى 9 سنوات، كانوا شهوداً على الاعتداءات، لكنهم لم يتعرضوا لاعتداء مباشر "هذا ما نسميه إساءة جنسية"، يقول عامر، "فأي نشاط سواء شاهد الطفل أحدا، أو تم الحديث معه بكلام أو عبارات معينة ذات إيحاءات جنسية، أو شاهد صورا، هذا يعتبر إساءة جنسية".

كيف تم الكشف عن هذه الحالات؟ ولماذا الذكور تحديداً؟


الدكتورة نهى* هي واحدة من العاملين الإنسانيين، الذين تابعوا حالات أطفال ذكور تعرضوا لعنف جنسي، حيث وثقت في المنظمة التي تعمل فيها 25 إلى 30 حالة في عام ونصف العام.

المشروع الذي عملت عليه نهى كان يغطي مناطق: الأتارب، وعفرين، وكفر دريان، وجسر الشغور، وداخل مدينة إدلب، وحزانو، وباب الهوى. عملت في اتجاهين، الأول تشجيع الناجين على الإفصاح عما تعرضوا له، والثاني الدعم النفسي والجسدي للناجين من الاغتصاب.

وكانت إحدى الطرق التي استخدموها للتشجيع على الإفصاح، عرض مسرحية بعنوان "اللمسة البريئة واللمسة الخبيثة"، ومسرحية "الخروف والذئب"، إضافة إلى مشاركة رسومات مع الأطفال.

وبالفعل أفصح عدد من الأطفال بعد المسرحيات وهذه الألعاب بأنهم تعرضوا لأمور مشابهة، "فعلى سبيل المثال خلال 3 أشهر وصلتهم 10 حالات. كما وصلتهم معلومات عن حالات حاولوا الوصول إليها، لكن الأهل رفضوا خوفاً من رد فعل المجتمع المحيط بهم وفضلوا الصمت".

ما الذي يضع الطفل في خطر التعرض للاغتصاب؟

بالنسبة إلى الحالات التي تابعتها نهى، بعضها كان لأطفال يتم إرسالهم من قبل أهاليهم في المخيمات الجبلية لجمع الحطب، فهم يعرفون أنها خطيرة على الفتيات والنساء، وبإرسالهم الأطفال الذكور فهم يعتقدون أنهم قللوا المخاطر.

لكن ما يحصل غير ذلك. فالمكان الذي يبحث فيه الأطفال عن الحطب منعزل، وهم معرضون لخطر التعرض للاستغلال الجنسي.

حتى مخيمات الأرامل لم تنجو!

من أحد مخيمات الأرامل، وهي موطن لعشرات الآلاف من الأرامل وغيرهن من النساء العازبات -بما في ذلك المطلقات أو اللواتي فقدن أزواجهن وأطفالهن - اللواتي يعشن في 28 مخيماً يسهل الوصول إليها عبر شمال غرب سوريا.

والوصول إليها مقيد للمنظمات غير الحكومية المحلية، التي تمكنت من تأمينها. حيث يُطلب من الأولاد مغادرة المخيمات عندما يصلون إلى سن 11- 13 عاماً.

يودع الأطفال الذكور منهم أمهاتهم، على الرغم أنهم لم يتجاوزوا بعد الثانية عشر من عمرهم، على اعتبار أنهم وصلوا سن البلوغ، بحسب القائمين على المخيم. منهم من يتم وضعه في دور الأيتام، ومنهم من يخرج إلى سوق العمل مباشرة أو التجنيد، كما توضح لنا نهى، قائلة إن المجموعة الأكبر منهم تتجه لدور الأيتام.

لا قانون ينظم هذا الأمر سوى أن هؤلاء الأطفال أصبحوا بالغين الآن، ولا يجدر بهم البقاء في مخيم مخصص للنساء الأرامل.

إحدى دور الأيتام تلك أُغلقت بسبب توقف الدعم عنها خلال فترة انتشار فيروس كورونا، وتم إعادة الأطفال لأمهاتهم. تقول نهى "بعد عودتهم تم الإفصاح عما تعرضوا له من حالات تحرش وعنف جنسي، قابلنا 5 أطفال لكل منهم كان قصة عنف جنسي في دار الأيتام تلك".

لا توجد إحصائية رسمية أو غير رسمية لعدد الأطفال الذين تعرضوا للاعتداء الجنسي أو التحرش، هو أمر تتجنب السلطات المحلية في كلا الطرفين أي مناطق سيطرة المعارضة ومناطق النظام السوري الحديث عنه، ما يجعل عملية مواجهة هذه الاعتداءات صعبة على المنظمات أو الجهات المختصة بهذه الأمور.

وفي مناطق سيطرة النظام السوري -تحديداً دمشق- تنتشر حالات للتحرش والاغتصاب الجنسي، ولكن هناك تحديات أخرى في الإفصاح عنها ومواجهتها.

تابعوا الجزء الثاني من التقرير.


الرسومات التي ساعدت على كشف بعض حالات من الانتهاكات الجنسية

التحقيق تم إنجازه بدعم من أريج